من طرف samra الأحد ديسمبر 21, 2008 5:19 pm
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
اعجبني الحديث عن رائدة الشعر العربي الحر في العصر الحديث واحببت ان اضيف بعض المعلومات عنها:
شاعرة بلاد الرافدين:
مع أن الشاعرة كانت متشائمة شديدة التشاؤم في بداية حياتها الشعرية؛ لأنها كانت مفعمة بالاتجاهات الرومنسية و غلب عليها التشاؤم المطلق و كانت تشعر بالضيق والألم ولا ترى غيرالأزمة والشقاء في الحياة و لكن تدريجيا غيرت نظرتها حول الموت و فلسفة الحياة و بدأت تنظر إلى الحياة بمنظار جديد فيه مسحة من التفاؤل ليكون بلسما لدائها و مرهما لشفائها وخفّ من حدّة تشاؤمها حيث أصبحت متفائلة بعد تجربتها الفكرية و كثرة مواردها الأدبية و بعد أن نضج عقلها و فكرها حول مسائل الحياة. و نرى هذا التغيير حتى في عنوان مطولتها من "مأساة الحياة" إلى" أغنية للإنسان"، في الواقع آراؤها المتشائمة قد زالت و حلّ محلّها الإيمان بالله و الاطمئنان إلى الحياة و جو مأساة الحياة تبدد شيئا فشيئا.
الملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التاليـــة. نشأت نازك في عائلة أدبية معروفة ، فقد كان أبوها صادق الملائكة شاعرا كبيرا، كما كانت أمها أيضا شاعرة معروفة أصدرت ديوان شعر في الثلاثينيات، اسمه " أنشودة المجد " ووقعته بكنيتها " أم نزار الملائكة " وليس باسمها ، سلمى عبد الرزاق الملائكة.
كما كان خالاها، جميل وعبد الصاحب الملائكة من الشعراء المعروفين أيضا، وعرف عن شقيقها الوحيد، نزار الملائكة، المقيم في لندن، بأنه شاعر أيضا.
ونازك الملائكة إلى جانب كونها شاعرة رائدة فإنها ناقدة متميزة، وقد صدر لها
• قضايا الشعر الحديث ،عام 1962.
• التجزيئية في المجتمع العربي ،عام 1974 و هي دراسة في علم الاجتماع.
• سيكولوجية الشعر, عام 1992.
• الصومعة و الشرفة الحمراء.
• كما صدر لها في القاهرة مجموعة قصصية عنوانها "الشمس التي وراء القمة" عام 1997
الثورات تنفي نازك عن دياره
كأن قدر جميع شعراء العراق في القرن العشرين أن يموتوا في المنفى بعيدين عن أوطانهم،حيث توفى السياب في الكويت و توفى عبدالوهاب البياتي بعيدا عن بغداد و نازك الملائكه في القاهره بعد هجره عن بلدها استمرت 37 عاما أبتعدت فيها عن بغداد التي كانت نقطة انطلاقتها الشعريه هي و السياب و البياتي،و بدأت حكاية نازك الملائكه مع السياسيه عام 1958 الذي شهد الانقلاب على الحكم الملكي و إعلان الجمهوريه برئاسة عبدالكريم قاسم
رحبت نازك الملائكة شعرا بالانقلاب الذي قام به عبدالكريم قاسم الذي رأت فيه خلاصا للشعب و الوطن من الاستعمار و بدء مرحلة جديده في تاريخ العراق يسودها روح التقدم و التفاؤل و ما لبثت بعد عامين من الانقلاب أن تغيرت نظرتها لقاسم الذي رأت فيه أنه قد إستهوته شهوة الحكم فكان من الطبيعي أن تخاف على حياتها من رجال قاسم حيث غادرت الى بيروت مع زوجها عبد الهادي حبوبة حيث قامت بنشر نتاجها الشعري و النقدي ثم عادت مرة أخرى إلى العراق و هذه المرة لتدريس اللغة العربية و آدابها في جامعة البصرة مع زوجها.
في عام 1968 وصل حزب البعث إلى سدة الحكم بعد انقلاب قام به على الرئيس عبد الرحمن عارف حيث أصبح أحمد حسن البكر رئيسا و صدام حسين نائبا له،و جاء موقف نازك الملائكة معارضا للحكم ألبعثي هي و زوجها عبد الهادي حبوبه فكان القرار بالرحيل عن العراق حيث استقر المقام لنازك الملائكة و زوجها بالكويت حيث عملت في جامعة الكويت بالتدريس في كلية الآداب قسم اللغة العربية حتى عام 1990 سنة الاحتلال العراقي على الكويت و لم يتخلل تلك الفترة من أحداث سوى من إصدار ديوانيين شعريين في بيروت و دراسة في علم الاجتماع و إصابتها بمرض عضال عام 1985 حيث أعطتها الجامعة اجازه مفتوحة للعلاج.
في عام 1990 خرجت نازك الملائكة و زوجها و ابنها البراق من الكويت و عاشت في عزله في القاهرة و تحديدا في حي سرايا القبة التي عاشت فيها حتى دخولها المستشفى و وفاتها عام 2007 و لم تصدر في القاهرة سوى دراسة بعنوان سيكولوجية الشعر عام 1992 و مجموعه قصصيه عنوانها الشمس التي وراء القمة و صدر عام 1997.
الابتعاد و النسيان...ثم الموت
في القاهرة و بعد خروجها من الكويت عا م 1990 اختارت نازك الملائكة ألعزله حيث عانت نازك من عدة أمراض من مرض الباركنسون حيث كانت تحت رعاية ابنها البراق و توفي زوجها عبد الهادي حبوبه في عام 2005 و طوال فترة بقائها في القاهرة لم يظهر اسم نازك الملائكة في المحافل الشعرية سوى مرتين حيث تم تكريمها و فوزها بجائزة البابطين للشعر العربي عام 1996 لإسهاماتها في الشعر العربي و كذلك في عام 1999 حيث كرمت في دار الأوبرا المصرية بمناسبة مرور خمسين عاما على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي و لكنها لم تحضر بسبب المرض حيث أنابها في تسلم الجائزة زوجها عبدا لهادي حبوبه
في يوم 20-06-2007 توفيت نازك الملائكة في إحدى مستشفيات القاهرة عن عمر ناهز الـ84 عاما و ذلك اثر هبوط حاد في الدورة الدموية حيث دفنت في اليوم الذي يليه في مقبرة 6 أكتوبر خارج القاهرة بحضور عدد قليل من أفراد الجالية العراقية في القاهرة و عدد من المصريين الذين كانوا جيرانا لها في حي سرايا القبة حيث لفت جثمانها بالعلم العراقي و قال عنها السياسي العراقي المغترب أحمد الحبوبي عن الملائكة رحلت كما عاشت في سكون و تواضع.
جاء وفاة نازك الملائكة و كالعادة مثل جميع المبدعين في الوطن العربي...يعيشون في غياهب النسيان و لا يذكرون الا في مماتهم و تم تجاهلهم في الوقت الذي كانوا في أمس الحاجة ليد المساعدة كنوع من رد الجميل على ما أسهموا به في حياتهم تجاه أوطانهم و شعوبهم...و ما أقول سوى رحمة الله على تلك الإنسانة التي نثرت الكلمات كما اللؤلؤ و أفنت عمرها في الأدب و التدريس و لم تنتظر لقاء ذلك مقابلا حيث أنها رحلت و لكن تبقى كلماتها و أشعارها محفوره في الأذهان و لا يصعب على من أحبها نسيانها.
وهذه بعض مقتطفات من أشعارها
أي معنى لطموحي ورجائي شهد الموت بضعفي البشري
مثلي العليا وحلمي وسمائي كلها أوهام قلــب شاعـري
هكذا قالوا فما معنى بقـائي رحمة الأقدار بالقلب الشقـي
لا أريد العيش في وادي العبيد بين أموات وان لم يــدفنوا
جثث ترسف في اسر القيـود وتماثيل احتوتها الأعيــن
أبدا اسمعهم عذب نشيــدي وهم نوم عميـــق محزن
لا يظنوا انهم قد سحقـــوه فهو ما زال جمالاً ونقــاء
سوف تمضي في التسابيح سنوه وهم في الشر فجراً ومسـاء
ظلت نازك الملائكة عاشقة لفورة الحياة حتى وهي ترقد عليلة مستسلمة لأوجاع مرضها الأليم:
جسدي في الألم خاطري في القيود
بين همس العدم وصراخ الوجـود
وسكوني حيـاة وظلامي بريــق
النجـاة النجـاة من شعوري العميق
في دمي إعصار عاصف بالجمـود
وشضايـا نـار تتحـدى الركـود
حظيت شاعرتنا المبدعة الحائزة على درع الإبداع العراقي عام 1992 ...