الفصل الخامس
( الأساس الرابع : طبيعة المجتمع )
( الأساس الرابع : طبيعة المجتمع )
[size=21] إن غاية
التربية هى إعداد الفرد الإعداد الشامل المتكامل الذى يكفل له التفاعل
والتكيف مع المجتمع الذى يعيش فيه بما يحقق خلافة الإنسان فى الأرض .
والتربية تعمل على تحقيق التوازن بين أهداف الفرد وأهداف الأمة ، قال
تعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " ، وقال تعالى " ولتكن
منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهونن عن المنكر وأولئك هم
المفلحون " ( آل عمران ) .
والأمة منظومة من العناصر بينها نسيج من العلاقات وكلما كان هذا النسيج قويا كانت الأمة على نفس الدرجة من القوة والوحدة .
أولا : العلاقة بين الحاكم والأمة
1 – مسئولية الحاكم تجاه الأمة :
أ – الحكم بين الناس ( بشرع الله ) :
قال تعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين
الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا "
النساء 58 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت ، وإذا حكمت عدلت ، وإذا استرحمت رحمت " .
ب – أن يطبق القانون على الجميع : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا
سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والذى
نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " البخارى ص21
جـ - احترام الملكية الخاصة للأفراد وحقوقهم المالية :
كتب ابن خلدون تحت عنوان ( الظلم مُؤذذنٌ بخراب العمران ) : " ...... وكل
من أخذ ملك أحد أو غصبه فى عمله أو طالبه بغير حق أو فرض عليه حقا لم
يفرضه الشرع فقد ظلمه ووبال ذلك كله عائئئد على الدولة بخراب العمران "
وقال :" ........ وأعظم من ذلك المتسلط على أموال الناس بشراء ما بين
أيديهم بأبخس الأثمان ثم فرض البضائع عليهم بأرفع الأثمان على وجه الغصب
والإكراه فى البيع والشراء " وقال الهرمزان حينما رأى عمر نائما :" عدلت
فأمنت فنمت يا عمر " .
د - تطبيق الشورى :
إن مبدأ الشورى يعنى
أن كل قرار ينسب للجماعة يجب أن يكون تعبيرا عن إرادة جمهو الجماعة أو
مجموع أفرادها بشرط أن يتمتع الجميع بحرية كاملة فى المعارضة والمناقشة .
والشورى بالمعنى العام فى شريعتنا مبدأ قرآنى وأصل عام شامل لجيع شئون المجتمع ، إنها ليست مجرد مبدأ دستورى بل هى منهاج شامل وشريعة متكاملة .
والشورى :هى تقليب الآراء المختلفة واختبارها للتوصل إلى أفضلها والعمل به وهى شرعا : البحث عن الحق والصواب من خلال جهد بشرى ملتزم بمنهج الله ، يبتغى تحقيق التقوى بهذه الممارسة .
-
- مشروعية الشورى : للشورى
منزلة عظيمة فى الإسلام ، وهى طابع أعم وأشمل من الشروى السياسية فى حياة
المسلمين ، إنه طابع الجماعة فى جميع حالاتها ، ولذا قال الله تعالى :"
وال1ين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقاناهم
ينفقون " الشورى 38 – فقد جاء هذا النص الكريم مكيًّا قبل وجود الدولة ،
وسميت السوة باسم ( الشورى ) للدلالة على أهميتها العامة ، وكذلك يدل على
ذلك قوله تعالى :" فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر " آل عمران 159
، وانظر كيف أمضى الرسول – صلى الله عليه وسلم – الشورى فى غزوة أحد وهو
يدرك ما وراءها من آلام وخسائر وتضحيات ، لأن إقرار المبدأ وتعليم الجماعة
وتربية الأمة أكبر من الخسائر الوقتية . وهناك مواقف كثيرة – تدل على
الشورى وأهميتها – فى حياة الرسول – صلى الله عليه وسلم – والخلفاء
الراشدين – رضى الله عنهم .
- أهمية الشورى :
(1) تحقيق صفةمن صفات المؤمنين " وأمرهم شورى بينهم " .
(2) الالتزام بواجب إسلامى " وشاورهم فى الأمر " .
(3) تحقيق المنهج الإسلامى .
(4) تعليم الجماعة وتربية الأمة وإعدادها لإدارة البشرية إدارة راشدة .
(5) تجنب التسلط والفردية فى اتخاذ القرارات المهمة .
(6) تقوية الثقة فى الإدارة وتنمية الولاء للجماعة .
(7) تحقيق وحدة الأمة وتماسكها وترابطها .
-
- كيفية إجراء الشورى :
اكتفت الشريعة بتقرير الشورى كمبدأ عام وتركت لأولياء الأمور فى الجماعة
أن ييضعوا معظم القواعد اللازمة لتنفيذه ، لأن هذه القواعد تختلف تبعا
لاختلاف الأمكنة والجماعات والأوقات ، بشرط أن لا يكون فى ذلك كله ضرر ولا
ضرار بصالح الأفراد أو الجماعة أو النظام العام .
- ومن هذه القواعد الساسية التى توجب الشريعة اتباعها فى تطبيق مبدأ الشورى :
(1) أن تكون الأقلية التى لم يؤخذ برأيها – أول من يسارع إلى تنفيذ رأ الأغلبية .
(2) أن تنفذ الأقلية رأى الأغلبية بإخلاص .
(3) ليس للأقلية مناقشة رأيا آخر اجتاز دور المناقشة ، أو تشكك فى رأى وضع موضع التنفيذ .
-
- شروط يجب توافرها فيمن يمارس الشورى :
(1) إيمان صادق (2) علم بمنهج الله
(3) العلم المحيط بالموضوع الذى تدور حوله المناقشة .
(4) وضوح الهدف من الشورى .
(5) أن ييفهم أنه يمكن أن يكون الأصوب هو الرأى الذى تراه الأقلية ، فليس له ولا لغيره الاعتراض على نتيجة الشورى .
(6) أن يعلم أن مجال الشورى يمكن أن يضيق أو يتسع حسب الموضوعات المعروضة لأخذ الشورى عليها والظروف البيئية المحيطة بالجماعة .
-
- بعض الأمور المتعلقة بالشورى :
(1) تكون الشورى فى أمور الدنيا والدين التى لا وحى فيها .
(2) يمكن تعيين أهل الششورى أو اختيارهم .
(3) الإمام ( الخليفة ) يجب أن يُبايع ( يأتى بالأختيار ) وأما من سواه من المسئولين فيجوز فيهم الأختيار أو التعيين وفقا للظروف .
2 – مسئوليات الأمة تجاه الحاكم :
أ - الطاعة : قال
تعالى :" وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ، فإن تنازعتم فى شئ فردّوه إلى
الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا "
النساء 59 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اسمعوا واطيعوا – وإن أُمّر عليكم عبد حبشى – ما أقام فيكم كتاب الله " مسند أحمد .
ب – نصرة الحاكم :
حبه ، والدعاء له ، والدفاع عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من
أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم فاضربوه بالسيف أو فاقتلوه "
البخارى .
جـ - النصيحة للحاكم :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" الدين النصيحة ، قلنا : لمن ؟ قال : لله
ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " مسلم ، وقال صلى الله عليه
وسلم : " أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر " .
د – محاسبة الحاكم :
قال رجل لعمر رضى الله عنه :" والله لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا
" ، فردّ الفاروق :" الحمد لله الذى جعل فى أمة محمّد – صلى الله عليه
وسلم – من يقوّم اعوجاج عمر بسيفه " .