بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم وفقني الله وإياك أنه لا ينبغي لطالب العلم أن يخوض في الدراسة الفقهية المعمقة إلا بعد أن يكون قد ألمَّ بطرف صالح من علوم اللغة العربية ولاسيما النحو والصرف وشيء من علوم البلاغة وفقه اللغة، ولا حظَّ في علوم الشريعة لمن لا يتقن العربية، ولا يضرب في علومها بسهم وافر، ومن كان إلمامه بالعربية واسعا، وتمكنه منها متينا، كان تحصيله للعلوم الشرعية أتمَّ وأكمل، وربما أغناه تضلُّعه في العربية عن مراجعة الشيوخ في بعض العلوم الشرعية كالتفسير، والسيرة، والرقائق، وتاريخ التشريع وغيرها.
ونقترح أن تكون الدراسة على مرحلتين:
أ) مرحلة تكوين الملكة الفقهية:
وتتضمن خمس درجات أساسية:
1- الدرجة الأولى: يبتدئ الطالب بقراءة «متن الأخضري» في فقه العبادات مع أحد شروحه، وليكن مثلا «هداية المتعبد السالك» للشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري، فإذا فرغ منه قرأ «متن العشماوية» مع شرحه لابن تركي أو الشرنوبي أو غير ذلك مما يتيسَّر له، وليحرص الطالب على حفظ هذين المتنين عن ظهر قلب، مع استحضار أدلة مسائلهما إن أمكنه ذلك.
2- الدرجة الثانية: يقرأ الطالب كتابين مهمين جرت العادة بقراءتهما في هذه المرحلة، وهما: نظم «ابن عاشر» المسمى بـ «المرشد المعين إلى الضروري من علوم الدين» وللعلامة الشيخ محمد بن أحمد الفاسي الشهير بـ «ميارة» شرحان جليلان على هذا النظم؛ أحدهما: كبير مبسوط؛ والآخر مختصر منه؛ وعلى المختصر حاشية مفيدة للعلامة ابن حمدون الفاسي وهي مطبوعة متداولة.
والكتاب الثاني هو: نظم «أسهل المسالك» لسيدي محمد البشار، وعليه شرح بديع للشيخ الفاضل عثمان بن حسنين بري الجعلي المالكي سماه: «سراج السالك شرح أسهل المسالك» وهو شرح مختصر في غاية الإفادة، فينبغي لطالب العلم أن يعكف على قراءته في هذه المرحلة، مع حفظ النظم المذكور عن ظهر قلب.
وإن لم يجد الطالب شيخا يقرأ عليه هذين الكتابين فإنه يستعين ببعض الكتب العصرية لتبسيط ما قد يشكل عليه مثل: «الفقه المالكي وأدلته» للأستاذ الحبيب بن طاهر، أو «مدونة الفقه المالكي» للشيخ الغرياني، أو «الموسوعة الفقهية الكويتية» وهذه الموسوعة مفيدة جدا لدارسي الفقه الإسلامي عموما، ولاسيما إذا أشكل على الطالب مصطلحا فقهيا عسر عليه فهمه، فإنه يجد في هذه الموسوعة الجليلة ما يجلي حيرته غالبا.
هذا.. ولا ينبغي للطالب في هذه المرحلة أن يكثر من النظر في التفريعات الدقيقة والمسائل النادرة التي تشتمل عليها حواشي الكتب الفقهية، لأن ذلك يشتت فكره، وقد يورثه اليأس من الوصول إلى بغيته، ولا سيما وأن الفقه المالكي – على وجه الخصوص - يمتاز بدقته في التخريج، وعمق مداركه في الاستنباط، ولهذا يصعب على الطالب المبتدئ أن يدرك الفرق بين كثير من المسائل المتشابهة التي قد تختلف أحكامها الفقهية، إما لاستحسان في بعضها، أو ابتناءها على عرف أو مصلحة أو غير ذلك من دقائق التشريع الإسلامي التي لا يعرفها إلا الراسخون من أهل العلم.
3- الدرجة الثالثة: يدرس الطالب كتابا مهما وهو «الرسالة» لابن أبي زيد القيرواني، وأنسب شروحها – في هذه الدرجة - هو شرح العلامة أبي الحسن المنوفي المسمى بـ (كفاية الطالب الرباني) وعليه حاشية مفيدة للشيخ علي الصعيدي العدوي، وينبغي أن لا يستكثر الطالب من النظر في الحاشية إلا عند الحاجة، كأن يشكل عليه لفظ أو يشتبه عليه حكم أو غير ذلك؛ ويستعينُ في معرفة أدلة الأصل بكتاب «مسالك الدلالة» للعلامة الحافظ أبي الفيض أحمد بن الصديق الغماري الحسني؛ فإنه كتاب مفيد جدا في بابه، مع أخذ الحذر من بعض ترجيحاته الشخصية التي لا يعتمدها علماء المذهب.
وطريقة الدراسة: أن يقرأ الطالب شرح أبي الحسن مع ما تدعو الحاجة إليه من حاشية العدوي، ثم يقابله بشرح الغماري، ويدوِّن الأدلة على هامش نسخته من شرح أبي الحسن، أو في كراسة مستقلة، وإن دعت الحاجة إلى النظر في شرح آخر استعان بشرح زروق أو شرح ابن ناجي أو شرح النفراوي أو غيرها من الشروح الأخرى.
4- الدرجة الرابعة: يقرأ الطالب متن «أقرب المسالك» مع شرحه المعروف بـ «الشرح الصغير» كلاهما للعلامة أبي البركات أحمد الدردير، وهو كتاب مهم جدا لا ينبغي للطالب إهمال قراءته والنظرِ فيه، وعلى الشرح المذكور حاشية جليلة للعلامة الشيخ أحمد الصاوي سماها: «بلغة السالك» لا غنى لطلاب الفقه المالكي عن الإلمام بفوائدها، والاطلاع على نفائسها وفرائدها.
5- الدرجة الخامسة: يدرس الطالب متن «سيدي خليل» ويقرأ شرحه الكبير للعلامة الدردير، ويستعين بحاشية الدسوقي عليه في توضيح مشكل، أو حل غامض، ولا يستكثر من النظر في الحاشية إلا بقدر الحاجة، وإنما يكون جُل همِّه حلُّ ألفاظ المتن، وحصر المسائل وتصيُّد أدلتها ما أمكن، ومن مظان ذلك كتاب «مواهب الجليل في أدلة خليل» للعلامة الشيخ أحمد بن المختار الشنقيطي.
وله الاستعانة ببعض الشروح الأخرى كمنح الجليل للشيخ عليش، أو شرح الزرقاني مع حاشيتيه للبناني والرهوني، أو شرح الخرشي، أو شرح الحطاب أو غير ذلك مما يتيسر له.
فإذا فرغ الطالب من دراسة مختصر خليل، فقد تأهل لمرحلة التخصص في الفقه المالكي.
ب) مرحلة التخصص:
وهنا يقرأ الطالب ما أمكنه من كتب الفقه المالكي، ومما لا ينبغي إهمال النظر فيه:
1- كتب فقهية عميقة: مثل: الذخيرة للقرافي، والبيان والتحصيل والمقدمات الممهدات كلاهما لابن رشد الجد، والجواهر الثمينة لابن شاس، والنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني، والمعونة للقاضي عبد الوهاب، والمدوَّنة لسحنون، وغير ذلك.
2- كتب الفتاوى والنوازل: ومن أنفعها: المعيار المعرب للونشريسي، وفتح العلي المالك للشيخ عليش، وفتاوى ابن رشد، وفتاوى الشاطبي، ونوازل البرزلي وغيرها.
3- كتب الأقضية والأحكام: ومنها تحفة الحكام لابن عاصم وشروحها، وتبصرة الحكام لابن فرحون؛ وهو من أجمع الكتب المؤلفة في هذا الفن وأنفعها.
4- كتب أدلة الأحكام: وننصح بالكتب التالية:
• أحكام القرآن: للقاضي أبي بكر بن العربي الإشبيلي.
• الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي؛ وهو أجمعها وأنفعها على الإطلاق.
• التمهيد لابن عبد البر، أو الاستذكار له، وكلاهما شرح لموطأ مالك.
• شرحي الزرقاني والباجي على الموطأ.
5- كتب تراجم أعلام المذهب: إذ يقبح بالفقيه أن يجهل تراجم علماء مذهبه، وأجمعها كتاب «الديباج المذهب» لابن فرحون، مع ذيله: «نيل الابتهاج» لأحمد بابا التنبكتي، وقد يغني عنهما كتاب «شجرة النور الزكية» للشيخ محمد محمد مخلوف رحمه الله.
فإذا أحاط الطالب علما بما ذكرناه، فقد صار في الذروة العليا من فقهاء المذهب إن شاء الله تعالى،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ونقترح أن تكون الدراسة على مرحلتين:
أ) مرحلة تكوين الملكة الفقهية:
وتتضمن خمس درجات أساسية:
1- الدرجة الأولى: يبتدئ الطالب بقراءة «متن الأخضري» في فقه العبادات مع أحد شروحه، وليكن مثلا «هداية المتعبد السالك» للشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري، فإذا فرغ منه قرأ «متن العشماوية» مع شرحه لابن تركي أو الشرنوبي أو غير ذلك مما يتيسَّر له، وليحرص الطالب على حفظ هذين المتنين عن ظهر قلب، مع استحضار أدلة مسائلهما إن أمكنه ذلك.
2- الدرجة الثانية: يقرأ الطالب كتابين مهمين جرت العادة بقراءتهما في هذه المرحلة، وهما: نظم «ابن عاشر» المسمى بـ «المرشد المعين إلى الضروري من علوم الدين» وللعلامة الشيخ محمد بن أحمد الفاسي الشهير بـ «ميارة» شرحان جليلان على هذا النظم؛ أحدهما: كبير مبسوط؛ والآخر مختصر منه؛ وعلى المختصر حاشية مفيدة للعلامة ابن حمدون الفاسي وهي مطبوعة متداولة.
والكتاب الثاني هو: نظم «أسهل المسالك» لسيدي محمد البشار، وعليه شرح بديع للشيخ الفاضل عثمان بن حسنين بري الجعلي المالكي سماه: «سراج السالك شرح أسهل المسالك» وهو شرح مختصر في غاية الإفادة، فينبغي لطالب العلم أن يعكف على قراءته في هذه المرحلة، مع حفظ النظم المذكور عن ظهر قلب.
وإن لم يجد الطالب شيخا يقرأ عليه هذين الكتابين فإنه يستعين ببعض الكتب العصرية لتبسيط ما قد يشكل عليه مثل: «الفقه المالكي وأدلته» للأستاذ الحبيب بن طاهر، أو «مدونة الفقه المالكي» للشيخ الغرياني، أو «الموسوعة الفقهية الكويتية» وهذه الموسوعة مفيدة جدا لدارسي الفقه الإسلامي عموما، ولاسيما إذا أشكل على الطالب مصطلحا فقهيا عسر عليه فهمه، فإنه يجد في هذه الموسوعة الجليلة ما يجلي حيرته غالبا.
هذا.. ولا ينبغي للطالب في هذه المرحلة أن يكثر من النظر في التفريعات الدقيقة والمسائل النادرة التي تشتمل عليها حواشي الكتب الفقهية، لأن ذلك يشتت فكره، وقد يورثه اليأس من الوصول إلى بغيته، ولا سيما وأن الفقه المالكي – على وجه الخصوص - يمتاز بدقته في التخريج، وعمق مداركه في الاستنباط، ولهذا يصعب على الطالب المبتدئ أن يدرك الفرق بين كثير من المسائل المتشابهة التي قد تختلف أحكامها الفقهية، إما لاستحسان في بعضها، أو ابتناءها على عرف أو مصلحة أو غير ذلك من دقائق التشريع الإسلامي التي لا يعرفها إلا الراسخون من أهل العلم.
3- الدرجة الثالثة: يدرس الطالب كتابا مهما وهو «الرسالة» لابن أبي زيد القيرواني، وأنسب شروحها – في هذه الدرجة - هو شرح العلامة أبي الحسن المنوفي المسمى بـ (كفاية الطالب الرباني) وعليه حاشية مفيدة للشيخ علي الصعيدي العدوي، وينبغي أن لا يستكثر الطالب من النظر في الحاشية إلا عند الحاجة، كأن يشكل عليه لفظ أو يشتبه عليه حكم أو غير ذلك؛ ويستعينُ في معرفة أدلة الأصل بكتاب «مسالك الدلالة» للعلامة الحافظ أبي الفيض أحمد بن الصديق الغماري الحسني؛ فإنه كتاب مفيد جدا في بابه، مع أخذ الحذر من بعض ترجيحاته الشخصية التي لا يعتمدها علماء المذهب.
وطريقة الدراسة: أن يقرأ الطالب شرح أبي الحسن مع ما تدعو الحاجة إليه من حاشية العدوي، ثم يقابله بشرح الغماري، ويدوِّن الأدلة على هامش نسخته من شرح أبي الحسن، أو في كراسة مستقلة، وإن دعت الحاجة إلى النظر في شرح آخر استعان بشرح زروق أو شرح ابن ناجي أو شرح النفراوي أو غيرها من الشروح الأخرى.
4- الدرجة الرابعة: يقرأ الطالب متن «أقرب المسالك» مع شرحه المعروف بـ «الشرح الصغير» كلاهما للعلامة أبي البركات أحمد الدردير، وهو كتاب مهم جدا لا ينبغي للطالب إهمال قراءته والنظرِ فيه، وعلى الشرح المذكور حاشية جليلة للعلامة الشيخ أحمد الصاوي سماها: «بلغة السالك» لا غنى لطلاب الفقه المالكي عن الإلمام بفوائدها، والاطلاع على نفائسها وفرائدها.
5- الدرجة الخامسة: يدرس الطالب متن «سيدي خليل» ويقرأ شرحه الكبير للعلامة الدردير، ويستعين بحاشية الدسوقي عليه في توضيح مشكل، أو حل غامض، ولا يستكثر من النظر في الحاشية إلا بقدر الحاجة، وإنما يكون جُل همِّه حلُّ ألفاظ المتن، وحصر المسائل وتصيُّد أدلتها ما أمكن، ومن مظان ذلك كتاب «مواهب الجليل في أدلة خليل» للعلامة الشيخ أحمد بن المختار الشنقيطي.
وله الاستعانة ببعض الشروح الأخرى كمنح الجليل للشيخ عليش، أو شرح الزرقاني مع حاشيتيه للبناني والرهوني، أو شرح الخرشي، أو شرح الحطاب أو غير ذلك مما يتيسر له.
فإذا فرغ الطالب من دراسة مختصر خليل، فقد تأهل لمرحلة التخصص في الفقه المالكي.
ب) مرحلة التخصص:
وهنا يقرأ الطالب ما أمكنه من كتب الفقه المالكي، ومما لا ينبغي إهمال النظر فيه:
1- كتب فقهية عميقة: مثل: الذخيرة للقرافي، والبيان والتحصيل والمقدمات الممهدات كلاهما لابن رشد الجد، والجواهر الثمينة لابن شاس، والنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني، والمعونة للقاضي عبد الوهاب، والمدوَّنة لسحنون، وغير ذلك.
2- كتب الفتاوى والنوازل: ومن أنفعها: المعيار المعرب للونشريسي، وفتح العلي المالك للشيخ عليش، وفتاوى ابن رشد، وفتاوى الشاطبي، ونوازل البرزلي وغيرها.
3- كتب الأقضية والأحكام: ومنها تحفة الحكام لابن عاصم وشروحها، وتبصرة الحكام لابن فرحون؛ وهو من أجمع الكتب المؤلفة في هذا الفن وأنفعها.
4- كتب أدلة الأحكام: وننصح بالكتب التالية:
• أحكام القرآن: للقاضي أبي بكر بن العربي الإشبيلي.
• الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي؛ وهو أجمعها وأنفعها على الإطلاق.
• التمهيد لابن عبد البر، أو الاستذكار له، وكلاهما شرح لموطأ مالك.
• شرحي الزرقاني والباجي على الموطأ.
5- كتب تراجم أعلام المذهب: إذ يقبح بالفقيه أن يجهل تراجم علماء مذهبه، وأجمعها كتاب «الديباج المذهب» لابن فرحون، مع ذيله: «نيل الابتهاج» لأحمد بابا التنبكتي، وقد يغني عنهما كتاب «شجرة النور الزكية» للشيخ محمد محمد مخلوف رحمه الله.
فإذا أحاط الطالب علما بما ذكرناه، فقد صار في الذروة العليا من فقهاء المذهب إن شاء الله تعالى،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.