قوة الإرادة
تعريف الإرادة :
الإرادة هي : الطاقة والقوة التي بداخل الإنسان والمسئولة عن قيامه بأفعاله الاختيارية فعلاً أو تركاً .
هناك أفعال لا اختيار للإنسان فيها , كالتنفس , ونبضات القلب , فهذه تحصل من الإنسان دون إرادة منه واختيار .
وهناك أفعال اختيارية , يقوم الإنسان بها بحرية بدون جبر أو اضطرار من أحد له على فعلها , كالأكل والشرب والعمل وآداء الطاعات , والوقوع في المعاصي والمنكرات .
ولقد أعطى الله سبحانه وتعالى الإنسان القدرة على الفعل والترك , ولولا وجود هذه القدرة والإرادة في الإنسان لما كلَّفه الله , ولذلك فالمكره والمضطر وغير المختار وفاقد القدرة يرفع الله عنه التكليف .
أنواع الإرادة :
الإرادة نوعان : سليمة ومريضة .
النوع الأول : الإرادة السليمة : وهي الإرادة التي تمكن صاحبها من تنفيذ جميع رغباته الممكنة . كالصلاة في الجماعة , وقراءة القرآن , وطلب العلم , وبر الوالدين , والعمل والكدح في الحياة , .. وكذلك ترك النظر إلى ما حرم الله , أو الاستماع إلى ما حرم الله , أو التعامل بما حرم الله , ونحو ذلك .
النوع الثاني : الإرادة المريضة :
وهذه قسمان :
القسم الأول : المريضة بالضعف , وتسمى الإرادة الضعيفة :
وهي إرادة الشخص التي لا تمكنه من فعل أو ترك ما يريد , رغم أن ذلك في حدود الطاقة البشرية , فتتحطم كثير من آماله وطموحاته بسبب ضعف إرادته .
يرغب في حفظ القرآن , فما هي إلا صفحات وينقطع .
يرغب في المواظبة على الصلاة في الجماعة , فما هي إلا أيام وينقطع .
يرغب في ترك المعاصي والمنكرات, فما هي إلا أيام ويرجع , هذا إذا استطاع أن يمتنع . وهكذا .
القسم الثاني : المريضة بالاتجاه نحو الشر والمعصية :
وهي إرادة قوية , لكن وجهها صاحبها نحو المعاصي والمنكرات وما لا فائدة فيه , فهي قوية بدلالة نجاحها في فعل أمور من المحرمات تحتاج إلى قوة في الإرادة لإنجازها , وقوية بدلالة نجاحها في أموره الدنيوية , وتحقيقه لنفسه الدخل الكبير والمسكن الرائع , ونحو ذلك . لكنه عندما يريد من نفسه فعل الخيرات يجدها لا تطاوعه في ذلك .
علاج أمراض الإرادة :
أ- بالنسبة لضعف الإرادة , فعلاجها يكون بالتمرين المتدرج , فيبدأ يمرن نفسه على أعمال خير سهلة يسيرة محببة للنفس وعلى ترك معاصي ليست متمكنة منه , فإذا نجح في ذلك , كافأ نفسه وانتقل إلى غيرها , حتى تقوى إرادته بإذن الله .
يمكننا تشبيه الإرادة بعضلات البدن , فعندما تكون عضلات بدنك ضعيفة , فطريقة تقويتها بالتمرين المتدرج , وهكذا الإرادة .
ومن المهم جداً , أثناء التدريب العناية بما يلي :
1- إيجاد الميل والرغبة في النفس لذلك .
ويكون ذلك عن طريق القراءة والاستماع عن فضائل ذلك الأمر الخير , وعن طريق التعرف على قبائح ذلك الأمر السيء .
2- مراعاة المداومة على الفعل أو الترك فترة كافية .
فقبل أن تنتقل إلى شيء جديد , مكِّن ذلك الأمر في نفسك تماماً , ثم انتقل إلى غيره .
فبإيجاد الميل والرغبة والتنفيذ والمداومة على ذلك فترة كافية تتكون العادة الجديدة , وتقوى الإرادة بإذن الله .
ب- بالنسبة للاتجاه نحو الشر :
فأفضل طريقة للتغيير هي التفكير والمحاسبة والمقارنة , فقوي الإرادة لا يمكن أن يغير برامجه إلاَّ بقناعة داخلية ذاتية .
ومثاله : خالد بن الوليد , كان من أشد أعداء الإسلام , وموقفه يوم أحد والأحزاب والحديبية وعمرة القضاء معروف . ثم عندما حاسب نفسه , وفكر , واقتنع , غير طريقه مباشرة , وما هي إلا أربعة أشهر , ويستلم فيما بعد قيادة غزوة مؤتة بعد وفاة قوادها الثلاثة , ويكون انسحاب يعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحاً ونصراً .
فإذا قارن الإنسان بين طريق الطاعة وطريق المعصية من ناحية المبدأ والوسط والنهاية , وكان قوي الإرادة , فلا بد أن يسير في طريق الخير .
فطريق الخير بدايته تعب , ويعقبه سعادة , ونهايته جنة عرضها السماوات والأرض .
وطريق الشر بدايته لذة , ويعقبه ضيق وألم , ونهايته نار تلظى عياذاً بالله من ذلك .
أسأل الله أن يقوي هممنا وعزائمنا لفعل الخيرات وترك المنكرات , وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم .